المستحيل
المستحيل! وأي مستحيل نؤمن به! يقول أبو الطيب المتنبي: “إذا غامرت في شرفٍ مروم، فلا تقنع بما دون النجوم” وأي مستحيل نتصدى له! نحلمُ بيومٍ غير موجود حتى هذه اللحظة. أن يكون الإبداع هو سيد الموقف الرقمي، نحلمُ أن نجعل الإبداع مهنةً، في محيطٍ يعتبر أن المبدع عليه أن يقدم إبداعه مجاناً. بماذا نحلم؟ نحلمُ أن نكون مؤسسة تصنع المحتوى الرقمي للمبدعين، تدير منصاتهم، وتتوصل إلى عقود، وصفقات إعلانية، وإعلامية تدر لهم ربحا. نحلمُ، ومن حقنا أن نحلمُ، أن تغير الخارطة الرقمية في عُمان، أن نوفر على المبدع شؤون الإنتاج المرئي، والنصي، والصوري، وأن نتولى صناعة دخلٍ له، وفق تعاقدات منصفة له، ولنا. حلمنا بعيد، مستحيل، صعب، به تحديات ثقافية، واجتماعية، ولكننا نحلمُ، ونعم نحلم بهذا المستحيل، نحلم أن يأتي اليوم الذي يموِّل فيه المبدع إبداعه، أن يستمر فيه كمهنة، ألا يكون هواية وقت الفراغ، بل أن يكون صميم عمله، نعم نحلمُ، نحلمُ أن يكون الموسيقي، والمنشد، والمدوّن، وقارئ القرآن، في منصات تدار من أجله، تؤمن به، تتعاقد مع الشركات الكبيرة لضخ الربح له، أن يكون لدينا أستوديو إنتاج ضخم، وأستوديو تصوير ضخم، أن نرسل كاميرات ميزان لكل المبدعين، ليس عليك أكثر من أن تصور، نحلمُ أن نكون دار نشر رقمية، وأن نعمل مع الرسامين، والمصممين، وأن نجمع بينهما في مختبرات تكوين إبداعية، أن نجمع العقول المبدعة في مكان واحد، نعم نحلمُ، نحلمُ بمجتمع إبداعي مُنتج، له روح مهنية، يعامل بإنصاف، ويعرف ما الذي له، وما الذي عليه، نحلم بصناعة منصاتٍ متنوعة، ترفد الإنتاج المحلي العُماني وتأخذه إلى العالم أجمع، نحلم أن يعمل معنا الموسيقي، والمصور، والرياضي، والمصمم، والمغرد، والكاتب الساخر، نحلم بإنتاج مجلةٍ مصورة، وساخرة، وأخرى للنساء، وأخرى للرياضيين، نحلمُ بواقعٍ بعيد للغاية، قد نصلُ له، وقد لا نصل له، نحلمُ ونعم نحلمُ بميزان البعيدة، المستحيلة، التي تضع خارطةً رقميةً صعبة التحقيق، نحلم باليوم الذي نسبب فيه رزقا للمبدعين، وأن ننسى كمبدعين مرحلة العمل المجاني، أن يبيع الشاعر تذاكر دخول لأمسياته، التي نحلم أن نصورها، وأن ندير محتواها له، وهو ليس عليه أكثر من أن ينشغل بالكتابة، نحلم أن نبيع تذاكر لفعاليات، وأمسيات رقمية وواقعية، وأن نعمل مع المدونين في مجال البودكاست، أن نصور لهم، أن نفرغهم للإبداع فقط، ونحن نقوم بكل شيء، نحلم أن نجعل الإبداع مهنةً تستحق المراهنة، وأن يكون لكل مبدعٍ مسار، اسمه ميزان، ونحلمُ أن ننشئ هذه المدرسة ليتبعها الجميع، ليفعلها الجميع، نحلم بمنافسٍ لنا، ونحلم أن نصنع هذا المنافس، نحلمُ بتعلم الموسيقى، والرسم، والإنشاد، نحلم بأن نعمل مع مقرئي القرآن، نحلم أن نتحول إلى معاهد إبداعية، وربما إلى جامعة إبداعية، نحلم أن نغير الواقع الإبداعي، وأن نرصعه بتاريخ من العطاء، والعمل المشترك، والتعاقد المنصف مع الجميع، نعم نحلم، بالكثير، بلا حدود، نحلم بالعمل مع الجامعات، والجماعات الطلابية، والمؤسسات الخيرية، نحمل بالعمل مع تيسلا، ومايكروسفت، وجوجل، نحلم بتصوير إعلان من المريخ، نحلم بتصوير اسكتشات كوميدية تستخدم لعلاج الاكتئاب، نحلم بتصوير محتوى تعليمي، وإبداعي، في جميع التخصصات، نحلم بتحويل محاضرات الجامعات إلى محتوى مرئي، نحلم بكل شيء، بكل معرفة، بكل علم، نحلم بميزان التي تدون المعارف، وتنفع الطلاب.
نحلم بلا سقف، نحلم بالستاند أب كوميدي، وأن يكون فنا مسرحيا أنيقا ورصينا، نحلم بالعمل الإبداعي، من كل جانب، مع الشعراء، أن نجمع المصمم مع الشاعر، والشاعر مع الملحن، وأن نصنع وصفةً أساسها المتلقي، الذي نحترمه، ونحاول أن نقدم له كل شيء ممكن، نعم، هذه الرؤية المستحيلة، التي ستحتاج إلى تغيير رقمي شامل، وإعادة تموضع لوجود المبدع العُماني والعربي في محيط الإبداع، هذه الرؤية، المستحيلة، ونحن نحلم بها، ونتخيلها، وهي مستحيلة علينا الآن، ولا نعلم كيف سنصل لها، وقد نعلم، وقد لا نعلم، وقد نستطيع، وقد لا نستطيع، الله ولي التوفيق، ونسأل الله النجاح والرزق الحلال، والإنصاف دائما وأبدا.
وانتهى سرد حلمنا الآن، فلنذهب إلى الواقع سويا، واذهب معي إلى خانة الممكن، وما يمكن أن تقدمه لك ميزان [الآن].
الانتقال إلى صفحة الممكن.